نَبت السعودية (سلسلة مقالات علمية عن النباتات في السعودية)
سلسلة مقالات نباتية تسلط الضوء على تنوع الغطاء النباتي في المملكة العربية السعودية، وتعرّف القارئ بالأشجار والشجيرات المحلية، خصائصها البيئية، وأهميتها الثقافية والبيئية، بأسلوب علمي مبسط يعزز الوعي ويثري المعرفة بالنباتات الأصيلة في أرض المملكة.
نَبت السعودية (سلسلة مقالات علمية عن النباتات في السعودية)
يدفعنا ديننا الحنيف إلى التفكر الدائم في آيات خلق الله في الكون ويحضنا على المعرفة والسعي الدائم للاستزادة وتغذية العقل بالعلم، وعالم النبات من آيات الخالق عز وجل التي تناولها القرآن الكريم من أوجهٍٍ عديدة، ففي تتابع الأجيال في النباتات وتعاقبها لمحة واضحة تذكر الإنسان بدورة الحياة وعبرة لمن يعتبر. " إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". (24)-سورة يونس. " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ". (21)- سورة الزمر. وعلى درب الفكر تذكرنا أولى الخطوات بما للنباتات من منافع وبما لها من جمال - فهي مصدرٌ للغذاء والكساء والأثاث والدواء، وهي إشباعٌ للنواحي الروحية للإنسان، وهي مصدرٌ للظل ومصدرٌ للطاقة والحرارة.
ومن المنطلق الأخير تهتم الدول أيما اهتمامٍ بزراعة الأشجار ومُختلف النباتات المناسبة في الشوارع والطرقات والحدائق والمنتزهات العامَّة، كما يهتمُّ الفطناء من الخاصّة حدائقهم والعنايةِ بزينتها، ولا شكَّ أن هذا الموضوع لا يشكلُّ ناحيةً جمالية ونفسية وروحية فحسب، ولكنه ذو أهمية صحية عقلية بالغة فأي مساحة خضراء تسهمُ في زيادة نسبة الأكسجين في الهواء الجوي وتنقيته من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن التنفس، وفي كثيرٍ من الأحيان تلتقي هذه المنافع بإنتاج الثمار أو الغذاء أو الأخشاب وغيرها. وقد تمنحُ جو المكان في العديد من الحالات رائحةً طيبة تُريح النفسَ وتُنعش العقل.
وتحرصُ المجتمعات المتقدمة على غرس حب النباتات في النشء وحفزهم على العنايةِ بها ورعايتها والمحافظةِ عليها وعلى سلامتها. ولعلَّ العلم بالشيء يشدُّ دائمًا إلى الاهتمام به، ونرى الآن في المملكة العربية السعودية حرص الهيئات الحكومية والخاصَّة بتخصيص أسبوع خاصًّ لزراعة الشجرة والاحتفال بهذه المناسبة ويشارك فيها كل أفراد الشعب لتجميلِ المدن وتخضيرها.
ونهتم بنَبتالسعودية بتعميق هذه المفاهيم السابقِ ذكرُها، ونتناول الأشجار والشجيرات المنزرعة والشائعة في بيئتنا حتى نُلم إلمامًا بما يتعلق بها من تسميةٍ وتعريف وفائدة، وبالتالي نصبح قادرين على بذر تلك المعرفة في عقول أبنائنا من الصغر، ونسهمُ في بذلك في دفع هذا الجيل إلى المُثل العليا ونسلحة بالمعرفة والمعاني الروحية والجمالية.